مسيرة حياة جان-أنتيد
1765 الدعوة الأولى
ولدت جان-أنتيد في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 1765 في أسرة تتألف أصلاً من ثلاثة صبيان، في بلدة سانسيه قرية تقع في الفرنس كونته. واعتمدت في اليوم نفسه وأعطيت اسم عرابتها. ومرت سنوات طفولتها وأعطيت اسم عرابتها. ومرت سنوات طفولتها وشبابها بطريقة طبيعية ولكنها كانت حاسمة لمستقبلها. كانت تعيش في أسرة كبيرة حيث الأولوية للقيم الإنسانية والمسيحية. وقد عاشت هذه السرة مع اختبار الألم بسبب بسبب معاناة مرضى أمها والعلاقات التصادمية بسبب وجود عمتها الغرباء في المنزل وهي ذو طبع صعب.
1781 أم العائلة في السادسة عشر من عمرها.
توفيت والدتها وهي في السادسة عشرة من عمرها وها هي تصبح الأم لعلئلة كبيرة وتكافح مع عمة تنازعها الامتيازات التي يعهد بها والدها إليها.
وفي هدوء نسبي لأواخر النظام القديم التي تصل الى البلدات مع غليان الأفكار التورية وقد عرفت جان-أنتيد العمل الشاق للقرويات المسؤولات عن الأسر. وكانت تنجح في كل عمل نقوم به.
إن جان-أنتيد قد اختارت أن تترك كل شيء نهائياً وتتبع نداءً عميقاً لخدمة يسوع المسيح والفقراء بينما كانت العائلة تبحث لها عن عريساً جيداً لترتبط به.
1793، في خدمة الجميع وبسريةٍ
منذ أن عادت جان-أنتيد الى سانسيه وهي مطلوبة لمساعدة الأطفال الذين هم خارج المدارس ومعالجة المرضى الذين هم من دون طبيب ودعم المسيحيين من دون كهنة والاهتمام بالكهنة الذين يختبئون. ومع الجميع كانت تضع كل مواهبها وقدراتها.
كانت محبوبة من الجميع وتمتلك كلّ شيء لتنجح. الا انها كانت تحلم بالوحدة والفقر والعيش في الصلاة ! فمشروع الحياة الرهبانية لم يفارقها بل يسكن فيها فانضمت الى مثال الحياة المقترحة من الأب رسفير. فإذا بها تنطلق باتجاه سويسرا على خطى المتوحدات اللواتي سيضطهدن ويطردن ويتحوَّلن من لاجئين الى مطاردين آخذين الطريق باتجاه المانيا.
1795 مواطنة أوروبية
في هذا الهروب الى أي مكان مع الراهبات المتوحّدات، وفي خضم المخاطر المتعددة للطريق والمتأتية من الجيش الأمبراطوري كما من الجيوش النمساوية. مع الفقر المدقع والأوبئة والمشاكل اليومية داخل جماعة الراهبات، فجان-أنتيد لم تخسر تفكيرها الواضح ولا حبها لله والمرضى الفقراء الذين أوكلوا إليها، والذين لخدمتهم كانت تعطي من دون حساب.
ففي نوسطاد، في بافيار، ترى موت أختها الصغيرة وراهبات أخريات. فواجهت كل ذلك بمهارة وحكمة بالرّغم من أنها لم تعد تتحمل عدم قدرتها على إنجاز محبتها للمرضى كما تراه هي. هل ما زال الله يناديها في مكان آخر ؟ ولكن أين ؟
1797 وحيدة على طرقات المنفى
فراق جديد !
ففي سنة 1797، تترك ويسنت بالقرب من راتيسبون حيث استقرت الراهبات المتوحدات، وحيدة دون مالٍ أو أوراق ثبوتيه ودون معرفة اللغة الألمانية، وبوصلتها التسليم لله والثقة فيه.
ثم تصل الى سويسرا في السيندن ومن بعدها الى فرنسا بعد أن وعدت الله بألا تعود إليها ثانية. وهنا تتلقى من الكنيسة الرسالة السارة والصعبة بأن تعود الى بزنسون للعمل في إعادة بناء الابرشية على المستوى الإنساني والمسيحي بعد الأضرار التي أحدثتها الثورة.
1798، سجينة وبانتظار ساعة الرب
ففي لوندرونLandron ، انشغلت جان-أنتيد في تعليم الأطفال ومعالجة الكاهن المريض وهنا وجدت حياة نوعاً ما هادئة.
ثم كان عليها أن تحزم أمتعتها من جديد والعودة الى حيث لم تشأ أن تعود. فكيف تستعد للمستقبل غير المؤكد والمحفوف بالمخاطر الذي تراه.
فلم يكن عليها أن تبحث كثيراً فالرعب استيقظ.
ولأنها كانت قد اختارت المنفى، اضطرت جان-أنتيد الى الاختبار لمدة سنة تقريباً في الغرنج، سجينة صامتة ومصلية في بيت صغير، محمية من صديقة لها ومعرضة نفسها لخطر الموت.
1799 مؤسّسة عملاً بالطاعة
وها هي أخيراً في مدينة بزنسون دون أية ضمانات إلا الرسالة التي طُلبت منها والاستسلام للعناية !
لم يكن الهدوء قد عاد عندما افتتحت أول مدرسة في 11 نيسان (أبريل) 1799 فأصبحت المؤسِّسة، بحسب الطاعة، لجمعية تدعي نسبتها لمار منصور دي بول. وقد أخذت منه العناصر الأولى لقانون الحياة.
وخلال عشر سنوات، وعلى صعيد الأبرشية كلها، عملت جان-أنتيد في تربية الشباب ومعالجة المرضى وفتحت المؤسسات وتعاونت مع السلطات المحلية لرعاية الفقراء ودعم الكنيسة. وقد اكتسبت جمعيتها اعتراف المحافظ على المستوى المدني ثم اعتراف الأمبراطور نابوليون، وكانت جمعيتها قد حصدت سمعة كبيرة امتدت حتى البلدان المجاورة في سافوا وسويسرا ونابولي المدينة الكبيرة والمكتظة بأنواع كثيرة من الفقر وتاريخا ما زال مجروحاً بمرور القوات العسكرية الفرنسية.
1810 امرأة ذات قلب عالمي
وكانت جان-أنتيد قد تلقت بثقة كبيرة المغامرة النابولية المقترحة من السيدة ليتيسيا والدة نابوليون، فتحضّرت مع أخواتها الراهبات بأفضل طريقة ممكنة. هذه المواطنة الأوروبية زرعت في نابولي الطيبة فعالجت وعلمت ففاجأت الجميع بالنمط الجديد للحياة الرهبانية في العالم.
ولكنّها دائماً في مواجهة الشدائد والفقر والغيرة، فبدأ قلقها يزيد تجاه جماعات الرهبنة التي تركتها في فرنسا حيث بدأت تهب ريح المواجهة…
فجذع الشجرة الذي بدأ النمو في مدينة بزنسون لم يعد يعرفها (يتعرّف عليها).
تمزقها الألم لأنها تختبر انقسام جمعيتها في الوقت التي تعترف الكنيسة وتقر قانون الحياة لواحدة من أوائل الجمعيات التي تقدم الحياة الرهبانية الرسولية النسائية.
1823 ابنة الكنيسة
وها هي تصل الى مدينة باريس تطلب من السلطات الكنسية التي ترفضها، الوحدة لجمعيتها فهل تحصل على المصالحة بين قسمي الجمعية ؟
إنه الفشل ! بقيت جان-أنتيد قوية، في وسط الاضطرابات والألم الدائم لعدم نجاحها بجمع الصلات بين جماعات الفرنش كونيه وانفتاحها على الكنيسة العالمية.
وكانت الأم توريه تردد : ” أنا ابنة الكنيسة، فكن معي كذلك”، وكانت قد كتبتها أيضاً في رسالة الى راهباتها في 11 نيسان (ابريل) 1820 بالتزامها وتعلقها بالكنيسة حيث استحقت أن تسمّى “ابنة بطرس”.
1825 مسيحية عند أقدام الصليب
عادت جان-أنتيد الى مدينة نابولي وفي قلبها حزن شديد بعد أن مرّت في السافو عند القديس منصور في شابليه. وكانت صلاتها في كل الأوقات مطعمة … بالألم المعاش مع الرب على الصليب تتخطى أفق المكان والزمان مما جعلها حتى مماتها تحب الجماعات المنشقات والحفاظ على الرجاء بالرغم من الإنشقاق النهائي.
إن ألم جان-أنتيد شديد جداً ” فعدم الاعتراف بها أدى الى انشقاق الجمعية الى فرعين : فرع ايطالي وآخر فرنسي ولم يجد الوحدة إلا في القسم الثاني من القرن العشرين ولكن كل ذلك جعل جان-أنتيد أكثر قوة أيضاً وأكثر ثقة في مشروع حب الله.
وفي نابولي بينما لم يتبق لها سوى ثلاث سنوات من حياتها، كرست نفسها للعمل الرسولي ولم تظهر أي شعور بالعدائية (بالتمرد) كما عاشته من الظلم وقلة العدالة، حتى أنها غفرت وصلت لبناتها الراهبات القريبات والأكثر بعداً.
1827 قديسة للكنيسة وللفقراء
واثقة بالله الذي دعاها وغمرها بحبه وساندها في خضم معاناتها المختلفة، ومرضها. توفيت جان-أنتيد
في نابولي في 24 آب (أغسطس) 1826 وقد بكاها الشعب النابولي بأجمعه. جان-أنتيد إمرأة صاحبة رؤية جديدة لم تباشر عملاً إلا وبحجته. وقد انتصرت جان-أنتيد في جهادها مع الألم بالنعمة وحب الله وحب الفقراء وحب الكنيسة وحب جمعيتها. وقد أعلنت الكنيسة قداستها في 14 كانون الثاني (يناير) 1934.
ما الرسالة التي تحفظينها من شخصية القديسة جان-أنتيد؟
- من شامل كمال – صديقة جان-أنتيد وأم لعائلة – باكستان
إنّ حياة جان-أنتيد جميلة وتستطيع أن تضيء لنا ولكن ما يؤثر فيّ هو شجاعتها المنبثقة من إيمانها بالله.
نحن سيدات باكستان نعاني من مشاكل (صعوبات) كثيرة وكما تقول جان-أنتيد : منذ ولادتنا يضعنا الرب عند أقدام “الصليب” ولكن كصديقة لجان-أنتيد فقد تعلمت أن أواجه الصعوبات. فشجاعتها هي رسالة يومية لأجلي.
فأنا أعيش وسط عائلة زوجي (كما هي عندنا) مع كل المشاكل التي يعنيها هذا الموضوع. فزوجي ليس له عمل دائم ومع غلاء المعيشة… في هذا البلد المسلم نحن المسيحيين ما زلنا دائماً مهددين… نحن نخاف… هناك العنف… ودائماً أنا أحتاج الى الشجاعة.
بمجرد أن أفكر بما عاشته جان-أنتيد يجعلني أكثر طمأنيناة واسترجع شجاعتي. وعلى مثالها، أسلّم للرب كل الصعوبات وانطلق نحو الأمام. وأقول صلاة مقتضبة عندما أعمل في المطبخ أو عند تنظيف البيت. وعندما أصادف المشاكل أفكر بأقوالها : “الرب لديه كل الوسائل لمعالجة كل شيء” وهذا يكفي ليعطيني الشجاعة.
- من جيسي سبيتري ودانيال كرش – من أصدقاء جان-أنتيد ومتطوعين – مالطا.
لم أكن أعرف جان-أنتيد ابداً وعندما بدأت العمل كممرضة مع الراهبات في دار حضانة القديسة جان-أنتيد وهو بيت استقبال للسيدات في ويست آليس. تعرفت سريعاً الى روحانيتكم من خلال الراهبات اللواتي عملت معهن
فحبهن ولطفهن وعملهن المتعب وإماتتهن وإيمانهن أثروا فيّ وساعدوني على النمو معنوياً وداخلياً.
فالأخت سلاست روسي قدمت لي كتاباً عن القديسة جان-أنتيد. فتأثرت جداً بقدرتها على تحمل الصعوبات مع إيمان وثقة كبيرين بالله. فقد كانت شجاعة خلال حياتها وعملها مع المرضى والفقراء.
وهذا الأمر شجعني للعمل مع جمعية مار منصور دي بول الذي ساعد الفقراء في الكنيسة وفي جماعة الحي.
- من كارميلا كريستياني – اخصائية اجتماعية وصديقة لجان-أنتيد – ايطاليا.
أنا علمانية من سان جورجيو كريمانو ولربما كنت من فترة بعيدة من أصدقاء القديسة جان-أنتيد. مع تلك الصداقة فلم يكن نداءً أو رسالة خاصة تساعدني في إلتزامي بل حياة جان-أنتيد كلها التي أصبحت مثالاً للأتباع أو بالأحرى فقد اخترت أن آخذ حياتها كأسلوب حياة لي.
فمشروع الرب أراد أن أكون ملتزمة كعاملة اجتماعية في الصحة بالقرب من ذوي الاحتياجات الخاصة أو كمربية لأطفال الشوارع وهذا كله يجعلني في حالة تكافل (انصهار) معها فأسأل نفسي في كل وقت كيف كانت تصرفت هي في هذا الموضوع.
والالتزام في الكنيسة والرعية هو النتيجة “أنا ابنة الكنيسة فكن معي كذلك”، وعلينا “أن نشير الى أننا كلنا الكنيسة. كل عمل، كل كلمة، كل ابتسامة، كل صمت، كل إصغاء…. كلّ ذلك يسكنه الله بحبه.