في مواجهة فقدان القيم ، وفي مواجهة الفقر، أدركت جان أنتيد أهميّة التعليم. إنّها تدرك بأن الأطفال والشباب بحاجة إلى تدريب، لهذا السبب يعتبر تعليم الشباب واحدا من الاهتمامات الرئيسة على مدى حياتها . ” نحن نحاول أن نفعل كلّ الخير الذي يعتمد علينا، خصوصا بالنسبة إلى تعليم الشباب، وهو أمر نحن بأمسّ الحاجة إليه” .

في هذا السياق المضطرب، ما كان الاقتراح التعليميّ لجان انتيد؟ ما هو الموقف الذي يجب أن يعتمده المعلّم للتعامل مع شبيبة مستاءة ومضطربة؟ وما هو أنموذج المعلّم الحقيقيّ الذي نقترحه اليوم؟

2.1 صورة المعلّم لدى جان أنتيد

من خلال هذا النصّ الذي كتبته جان أنتيد سنة 1802، نستطيع أن نلقي الضوء على صورة هذا المعلّم

” إنّ تعليم الشباب سوف ينظر إليه دائما … على أنّه شيء ذو أهميّة قصوى، يتطلّب رعاية شديدة الرصانة ، هي الاكثر اتّساقًا والأكثر شمولا

من خلال هذا النصّ الذي كتبته جان أنتيد سنة 1802، نستطيع أن نلقي الضوء على صورة هذا المعلّم

” إنّ تعليم الشباب سوف ينظر إليه دائما … على أنّه شيء ذو أهميّة قصوى، يتطلّب رعاية شديدة الرصانة ، هي الاكثر اتّساقًا والأكثر شمولا .  لهذ1 السبب نحاول ألاّ نوظّف في ايّ مكتب بهذه الأهمية وهذه الحساسيّة، إلاّ من هو صاحب سلوك مثاليّ في كلّ شيء ، إضافة إلى المعرفة الضروريّة ، وطبع هادئ وحازم ومستمرّ في الوقت عينه، وروح قويّة ، وطرائق صادقة ، وغيرة مستنيرة وتقوى حكيمة، وموهبة التواصل العلميّ، وباختصار، كل ما هو مطلوب من المعلّمات المؤهلات لإجراء تعليميّ شامل… وأن يكون لدينا على الأخصّ مواهب متميّزة ،وخبرة كبرى في التعليم وفي توجيه الشباب، ونظرة رحبة على التعليم ، وفضائل صلبة، ويقظة حذرة ، واقتصاد حكيم، وحكم سليم، وحبّ للنظام.

يلهم المعلّمون التلاميذ حبّ الله والقريب، ويغرسون فيهم ما أمكن من حبّ العمل والنظام والنظافة.

على كلّ فعل تعليميّ أن يسعى إلى حسن تكوين وعي التلاميذ.

تدعو جان أنتيد المربّين أيضا إلى إعادة الشحن الذاتيّ والتجدّد، والتدرّب قائلة: سوف يتمّ تدريب المعلّمين بإتقان لاداء مهمّتهم، وسوف يخضعون لتدريبات مستمرّة على مدى الحياة، وهم مدعوّون إلى التجدّد بحسب روح الجمعاعة لديناالتي تتلخص بالمحبّة:” إنّ أخوات المحبّة مع الموظّفين المدنيّين المعاونين، يتطلّعون إلى جعل المدرسة المكان الذي تكون فيه المحبّة روح كلّ نشاط تعليميّ”.

وهذا يعني ما يلي :

عناية غير عاديّة

المعلّم الحقّ لا تنقصه الشجاعة أو الحماس وخصوصا في مواجهة الصعوبات. إنّه يساهم في خلق جوّ من الفرح في صفّه. أدركت جان أنتيد أنّه بالنسبة إلى الطلاّب ذوي الطباع الصعبة، يجب بذل المزيد من الاهتمام ما فوق العاديّ، إنّها رعاية خاصّة في الكثير من الصبر، والرفق والحكمة والعدالة.

محبّة منضبطة ومعطاء

أقرّب جان أنتيد أنّ تعليم الشباب هو أهمّ من الغذاء والكساء الذي يمكننا أن نقدّمه لهم، وما هو أهمّ من ذلك هو أن نقدّم إليهم حنان القلب: ” إنّ الشبيبة الفقيرة والمتروكة ، هي الموضوع الحسّاس لحماسنا الشديد، ولمحبّتنا المنضبطة والمعطاء”

أسلوب الرقّة

إنّ التربية التي عاشتها وطلبتها جان أنتيد، لا تقوم على الخوف ، بل على الثقة والمحبّة . هذه دعوة حقيقية للحنان تجاه فئات مختلفة من الشباب :

” المحبّة المسيحيّة تحتضن جميع الأوقات ، جميع الأمكنة ، وجميع الأشخاص، بغضّ النظر عن العمر أو الجنس أو الظرف” .بالنسبة إليها، يتحقّق التعليم من خلال اجتماع الناس. ومن خلال العلاقات الشخصيّة تتحقّق مغامرة التعليم( تأمين النموّ… )

وهذا ينطبق مع أسلوب الرقّة ، ” يؤدّي المعلّمون خدمتهم باحترام… ودفء.. وشفقة.. ومحبّة … وصبر ورعاية وإخلاص وتجرّد”

سعت جان أنتيد دائما للوصول إلى قلب الآخر، لمساعدته في بناء نفسه داخليّا، لأنّ الداخل هو المكان الصحيح للتعليم الحقيقيّ، ومن خلال الكلام مع العمق فقط ننجح في تثقيف الناس: ” السبب ، الأداء اللطيف يجعلنا نربح قلوب الأطفال” . عرفت القدّيسة جان أنتيد كيف تكسب قلوب بناتها اللواتي عهد بهنّ إليها، علّمت بمحبّة لأنّ الذي يحبّ وحده له أن يعلّم.

التعليم هو “مرحلة الابتداء الراهبيّ في حياة الإنسان”

إنّ الفعل التعليميّ لدى جان أنتيد لا يقتصر على وقت محدّد، إنّه بالنتيجة يسهم في خلاص النفوس، اليوم نعتبره تدريب على الوعي، وتنمية على القيم بأسلوب تشجيعيّ.

التعليم على القيم

بالنسبة إلى جان أنتيد ، من واجب المربّي أن يتواصل مستندًا إلى المعرفة واللطف والصدق والامتنان، والمسامحة والتواضع والمغفرة والصبر … مع العلم أنّ الله هو الذي يطبع في قلوب الشباب كلّ الفضائل التي لا تمحى”

إنّ تثقيف الضمير هو أعظم حدث، كما فترة الابتداء في حياة الإنسان. لا نهمل شيئا لأجل عمل جيّد. إنّها تشفي الولد من الخوف، من الانانية ومن الكبرياء.إنّها تحفّز فيه حبّ الخير ،وتقوده إلى اللقاء بمحبّة الله.

فلنشجّع ولنحفّز

كثيرا ما استعملت جان أنتيد المضاهاة (التشجيع) : هدايا، ثناء، مكافآت، أكثر من اللجوء الى العقابات.” على المعلّمات أن يتجنّبن نبرة الغيظ في صفوفهنّ”

وتضيف ” لإنشاء القلب على الفضيلة، فإنّنا لا نهمل الإقناع أو المثال ، أو الصلاة، أو القداديس أو التصحيح، ولا اي وسيلة أخرى تتوافق مع العقل والدين اللذين يضعانها بين ايدي المعلّمين”